ثلاث خطوات أساسية في التعامل مع ضعاف الأداء
جون بالدوني
- بعد تقريري الأخير وصل هذا الموظف إلى القاع و هو الآن يحفر مستوياتٍ جديدة تحت الصفر!
- بالتأكيد إن هذا الموظف هو كبير المغفّلين المخطوف من أيّ بلد! يجب أن نعيده فوراً إلى أيّ مكان! اسألوا أياً كان و لا بدّ من أن يتعرّف عليه الكثيرون "
إن أمثال تقارير الأداء الماضية – حقيقيةً كانت أو مزعومة- تستثير ضحكنا من الأعماق لأننا جميعاً نرى في الواقع تلك النماذج التي تتحدث عنها. و بعد الكثير من الحديث عن المديرين السيّئين فإنّ تجاهل الحديث عن الموظفين ذوي الأداء الرديء يعتبر نقصاً خطيراً و رؤيةً غير واقعيّة. و كذلك يجب ألاّ ننسى أنّ السلوك و الأداء السيّئين لدى بعض الموظّفين هو عاملٌ مهمّ في إخراج المدير الجيد عن جادّة الصواب و تحويله إلى ما يشتكي منه الموظفون المذنبون و الأبرياء على حدٍ سواء.
إنّ التحدّي الأكبر أمام المديرين هو التعامل مع أصحاب الأداء الضعيف. و أمّا تركهم و شأنهم فهو أسهل الخيارات بل لعلّه المنزلق الأسوأ الذي كثيراً ما نرى المديرين ينجذبون إليه في العادة. و في كل مرة نرى الفعالية الإجمالية للمنظمات تتدهور بسبب احتفاظها بأشخاص لا شك في عجزهم عن القيام بالأعمال الموكلة إليهم.
لماذا يستمرّ البعض في رعاية الأشجار اليابسة و الحشائش الضارة في حقله!
أحد الأسباب التي تطيل بقاء من لا يصحّ بقاؤهم هو تردّد المشرفين و خوفهم من المواجهة. و في أحيان أخرى يكون للفرع اليابس علاقة متينة بأحد الجذوع الضخمة النافذة التأثير في الشركة.
وأياً ما كان السبب فإنّه لن يؤخر و لن يخفف أبداً من الآثار الفادحة العائدة على المنظّمة كلها و التي يعدُّ من أبرزها زعزعة مصداقية المنظمة و نزاهة قراراتها و تصرّفاتها.
فيما يلي خطواتٌ ثلاثٌ أساسية لا بدّ من اتخاذها جميعاً في التعامل مع أصحاب الأداء المتدنّي.
1- ناقش المشكلة:
قبل تناول مشكلة ضعف الأداء يجب عليك معرفة ماذا يصيب هذا الموظف من بلاء في حياته. إن المشكلات الشخصية مثل مرض الأبناء، أو تمزّق الأسرة، أو وفاة أحد الأحبّة يمكن أن تعيق الموظف عن توجيه كامل اهتمامه إلى عمله. إذا كانت مثل هذه المشكلة موجودة و كان أداء الموظف جيداً في الماضي فإنّ عليك إيجاد طريقةٍ لتجاوز هذه الأزمة فمثل هذا الموظف يستحق البذل للاحتفاظ به.
2- قدّم ما يلزم من تدريب و رعاية:
لا تنسَ أبداً أن أداء الموظّفين يمكن أن يتدهور نتيجة افتقارهم للأدوات اللازمة أو للتدريب. إنه من واجب المدير تقديم الرعاية coaching في مكان العمل. و تقديم الرعاية عملية يجب أن تتمّ بشكلٍ واضحٍ و مباشر:
- ناقش المشكلة مع الموظف حتى يعرف بدقة مواضع خطئه و تقصيره.
- اطلب منه إيجاد حلولٍ لتحسين الوضع.
- ناقش تلك الحلول و اتفق مع الموظف على جدول زمني للتصحيح.
- حافظ على الموظف في موضع المسؤولية دائماً من خلال متابعتك لتقدّمه.
3- لا تتأخّر في الفصل حين يكون لازماً:
إذا لم يحدث أي تقدّم (و ذلك بالرغم من عدم وجود عوائق خارجية) فإن عليك الانتهاء إلى أن الشخص المعنيّ غير ملائمٍ للوظيفة التي يقوم بها. في هذه الحالة يجب تشجيع هذا الموظف أو الموظفة على إيجاد موقعٍ آخر أكثر ملاءمةً لطبيعته و لمؤهلاته. (انتبه! لا تنقل الموظف إلى قسمٍ آخر، لأنك إذا فعلت ذلك فإنما تحيل المشكلة إلى مدير آخر و ليس في هذا مصلحة لأحد).
إنّ سلوك الخطوتين الأولى و الثانية هو الأسهل نسبيّاً، و أمّا عند خطوة الفصل فإننا نجد كثيراً من المديرين يتردّدون. لا تتردّد! نسّق مع قسم الموارد البشريّة في شركتك و اعلم أنّ هذا الألم المؤقت لك و للموظف المعني هو أيسر من الألم الجسيم الذي سيعود عليك و على المنظّمة كلّها إذا تركته يستمرّ. أجل إنّ مواجهة الناس بسوء أدائهم و فصلهم من العمل مهمّةٌ صعبة و لكنَ احتمال سوء الأداء هو فشلٌ تامٌ و محقّق للقيادة، و الخيار لك!
من آراء أصحاب المعرفة و الخبرة في أهمية التعامل مع ضعف الأداء:
- خلال أكثر من خمسة عشر عاماً من إدارة مجموعات موظّفين تصل إلى مئتي شخص تعلّمتُ أن الإدارة عندما تفشل في التعامل مع أصحاب الأداء الضعيف فإنما تحكم على الباقين من أصحاب الأداء الجيد بإحباط اندفاعهم، و إثارة غيظهم، و زعزعة ثقتهم بها.
- كان لديّ مديرٌ يحب الحكم البليغة و الأمثال. و قد علق في ذهني الكثير منها و استخدمها في مواجهة المواقف الصعبة و التعبير عن مواقفي. فصل الناس و مواجهتهم بسوء الأداء كان من جملة تلك المواقف، و عندما قرأت هذه المقالة تذكّرت الحكم التالية:
"لا يبقى على الشجرة إلاّ الثمار التي تنمو، و أمّا التي تتوقّف عن النمو فلا سبيل أمامها سوى التعفّن و السقوط"
وعندما كنت أشعر بالمرارة و الأسى لدى مواجهة بعض الموظفين بضرورة رحيلهم كان مديري يقول:
"المرارة الحقيقيّة و الأذى الأشدّ لا يسببها رحيل بعض الناس بل بقاؤهم"