رسم قديم يصور التعذيب بالسياط في أوربا في القرون الوسطى
ومن علامات الساعة التي أخبر عنها النبي المصطفى الكريم صلى الله عليه وسلم وظهرت ومازالت في استمرار ـ بل في ازدياد : كثرة الشرطة، الذين يحملون بأيديهم الهراوات، يضربون بها أبشار الناس، ظلماً وعدواناً، إضافة إلى أنهم أعوان الظلمة. والله تعالى المستعان.
فعن أبي أمامة رضي الله عنه، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ( يكون في هذه الأمة في آخر الزمان ـ رجال ـ أو قال : يخرج رجالٌ من هذه الأمة في آخر الزمان معهم سياط، كأنها أذناب البقر، يغدون في سخط الله، ويروحون في غضبه).رواه أحمد والطبراني في آخرين، وصححه الحاكم وأقره الذهبي، وصححه الحافظ ابن حجر(1).
والاعتداء على الناس ظلم، وإعانة الظلمة ظلم، والظلم ظلمات يوم القيامة، لا يرضى الله سبحانه وتعالى على فاعله، لذا فإنه في الدنيا يغدو في سخط الله تعالى، ويروح في غضبه ولعنته، وفي الآخرة من أصحاب النار، والعياذ بالله تعالى، إلا أن يتداركه الله تعالى بلطفه فيتوب.
فعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( صنفان من أهل النار لم أرهما، قوم معهم سياط كأذناب البقر يضربون بها الناس.. ) الحديث بطوله رواه مسلم.
وعنه رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (يوشك إن طالت بك مدة، أوشكت أن ترى قوماً، يغدون في سخط الله، ويروحون في لعنة الله، في أيديهم مثلُ أذناب البقر)(2)رواه مسلم.
لقد شبه النبي صلى الله عليه وسلم السياط التي مع الشرط في آخر الزمان بأذناب البقر
وعن هشام بن حكيم بن حزام رضي الله عنه قال: (سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم إن الله يعذِّب الذين يعذِّبون الناس في الدنيا )(3)رواه مسلم.
فهذا جزاء الذي يعذِّب الناس في الدنيا بغير حق. ولا يدخل في ذلك من أقام القصاص أو الحدَّ أو التعزير، لأن ذلك واجب شرعاً، والله تعالى أعلم.
ولهذا حثَّ صلى الله عليه وسلم المسلمين على المبادرة بالأعمال الصالحة قبل أن يكثر الشرطة التي تظلم العباد بالإضافة إلى مثيلها من الأعمال المكروهة.
فعن عبس الغفاري رضي الله تعالى عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ( بادروا بالأعمال ستاً، إمرة السفهاء، وكثرة الشُّرط، وبيع الحُكم، واستخفافاً بالدم، وقطيعة الرحم، ونشواً يتخذون القرآن مزامير، يقدِّمونه يُغنيِّهم ، وإن كان أقلَّ منهم فقهاً)(4)رواه أحمد وأبو عبيد والبزار والطبراني من طرق هو بها صحيح وله شواهد بلفظه.
منقول :عن كتاب مختصر أشراط الساعة بقلم الأستاذ الدكتور خليل إبراهيم ملّا خاطر العزامي أستاذ الحديث وعلومه بجامعة طيبة بالمدينة المنورة.
الهوامش:
(1) مسند أحمد ( 5: 250) والمستدرك (4: 436، 437) والمعجم الكبير ( 8: 160، 308) والمعجم الأوسط ( 5: 257ـ 258) ومسند الشاميين (1: 310) ومعجم ابن الأعرابي (3: 1006) والفتن لأبي عمرو الداني ( 3: 847 رقم 434) ومجمع البحرين ( 4: 352ـ 353) ومجمع الزوائد ( 5: 234) والقول المسدد ( 39ـ 41).
(2) صحيح مسلم: كتاب الجنة : باب النار يدخلها الجبارون، والجنة يدخلها الضعفاء رقم(53 ، 54):
(3) صحيح مسلم : كتاب البر والصلة : باب الوعيد الشديد لمن عذّب الناس بغير حق، رقم ( 117، 119).
(4) مسند أحمد ( 3: 494، 495) والتاريخ الكبير ( 7: 80) وفضائل القرآن (166) وكشف الأستار (3: 241، 242) والمعجم الكبير ( 18: 34ـ 37) والمعجم الأوسط ( 1: 212) ومعرفة الصحابة ( 2232) ومعجم الصحابة لابن قانع ( 2 : 310) ومجمع الزوائد (2: 316ـ 317) (4: 199) (5: 245) (10: 106ـ 107) والعقوبات لابن أبي الدنيا ( 188ـ 189) وأسد الغابة ( 3: 5ـ 6) والإصابة (3: 567ـ 568) وانظر مصنف ابن أبي شيبة ( 15ـ 244) ومسند أحمد ( 6: 22) والمستدرك (3: 443) والمعجم الكبير ( 3: 237ـ 238) (18: 57) لبيان شواهده أيضاً.