انتبه لأحاسيسك.. إنها تنتشر!
الدكتور إبراهيم الفقي
الأحاسيس تنتقل
أعلنت المضيفة أن الطائرة ستتأخر ثلاث ساعات، فتضايق الناس من هذه المضيفة مع أنها ليست هي التي أخّرت الطائرة، فليست هي التي تقودها!
والسبب في ذلك هو أنها هي التي أعلنت، والأحاسيس تنتقل، ولذلك تجد هؤلاء الذين تأخّرت عليهم الطائرة جالسين في ضيق شديد، وعندما يسأل النادل أحداً: هل تريد ان تشرب شيئاً يا سيدي؟ فيرد عليه قائلاً: لا!
وقد يكون الإنسان قد تشاجر في بيته مع زوجته، ثم يذهب إلى عمله فيخرج هذا الغضب في صورة ضيق من العمال وشدّ وجذب معهم، فما السبب؟ السبب هو أن الأحاسيس تنتقل. وقد يكون الإنسان متضايقاً بسبب شيء ما حدث له في العمل فيعود إلى البيت غاضباً ويخرج هذا الغضب في صورة ضرب لاولاده مثلاً. فما ذنبهم؟
السبب هو أن الاحاسيس تنتقل:
هذه المعلومات كانت موجودة من قبل عند بعض العلماء، مختفية لا يبيّنها للناس أحد، فكان لا بد من نقلها إليهم حتى يعرفوا كيف تتكون أحاسيسهم، وكيف يمكنهم أن يتحكّموا فيها، ويعرفوا أن الإنسان إذا غيّر تركيبة تجربة فالنتيجة تكون تغيّر هذه التجربة.
لكل تجربة تركيبة مكوّنة بالحواس الخمس توضع في مكان معين في المخ، وتسمّى الملفّات العقليّة، وإذا حدث تغيير في التركيبة يحدث تغيير في التجربة.
ومعنى ذلك هو أنّني إذا غيّرت تركيبة أفكار تسبّبت في أحاسيس سلبية إلى أفكار ينتج عنها أحاسيس إيجابية تتغير التجربة، وعندما يعود إليها المخ مرة أخرى يجد أنّها قد تحوّلت إلى مهارة، إلى قدرات. وما دامت قد تحوّلت إلى مهارة فإن العقل العاطفيّ يرتاح وكذلك العقل التحليليّ.
عندما تغضب يشتعل العقل العاطفي، وهذا العقل يشتمل على طاقة ولا يشتمل على معلومات، ففيه الطاقة الجسمانية والطاقة الجنسية..إلخ.
فهو يعطي كل هذه الطاقة التي يتحرّك بها الإنسان إلى العقل التحليليّ فيحوّلها إلى إنتاج بشريّ متزن، ولولا هذا العقل التحليليّ لكنّا مثل الحيوانات.
فالعقل العاطفيّ عنده القدرة على الأخذ من كل الطاقات الموجودة داخل الجسم سواء أكانت طاقة ذهنية أو روحانية... حتى يحميك من أي شيئ أو من أي شخص اختلف في الراي معك –مثلاً- أو قال لك لا.
من ضمن القصص التي اكتشفتها في بدايات عملي ومن أول الأشياء التي كنت أريد انا اقوم بها أنا شخصياً مع نفسي حتى أنجح أن أتحكّم في أحاسيسي. لأنني رأيت الناس بمجرد أن يتعصبوا ويغضبوا لا يستطيعون التفكير، وينطقون بألفاظ غير مفهومة، ولو نظروا إلى أشكالهم وهم على هذه الحالة لما تعصبوا ابداً.
إن تحكمت بأحاسيسك تستطيع أن تتحكم في حياتك
إذاً يعني ذلك أن من واجبنا أن ندرّب أحاسيسنا ونقرّر بماذا نحسّ، وعلينا أن لا نجعل العالم الخارجيّ يتحكّم بأحاسيسنا
عجيب ولكنّه الواقع!
من الممكن أن تخرج مع صديق لك لكي تقضيا وقتاً طيباً معاً، ولكن بعد ذهابكما اختلفتما في الرأي فتركته وأنت متضايق منه لأنه هو الذي تسبب في هذا الوقت الضائع، وأنت سائر تجد أن المخ يدعمك فيلغي كل الأمور الطيبة فيه ويعمم لك كل الأمور السيئة عنه ويفتح كل الملفات العقلية عنه من الولادة حتى الآن بكل الأشياء السلبية فتصبح تريد قتله، ولكن بمجرد أن يتصل تليفونياً ويقول لك إننا صديقان، وهذا لا يصح، وإن كنت أخطأت في حقك فأنا أعتذر لك، وأنت تعلم كم أنا أحبك.. فتقول له: عندك حق، أنا المخطئ فيلغي المخ كل سلبياته ويعمم الإيجابيات عنده فتقول له: لا بد أن أراك وعندما تذهب إليه يغضبك مرةً اخرى، فتقول: أنا السبب، كان يجب أن لا اذهب إليه.. كل هذه أحاسيس.
انتبه!
يجب أن يكون إحساسك إيجابياً مهما كانت الظروف ومهما كانت التحدّيات ومهما كان المؤثر الخارجي، فأنت لا زلت حياً تتنفّس.. عندك فرصة لتقترب أكثر من الله سبحانه وتعالى.. عندك فرصة لتحسّن صحتك.. عندك فرصة لتحقّق.. عندك فرصة لتمتلك عائلة طيبة.. عندك فرصة لأن تعيش أحلامك.. فما دمت حياً في هذه الدنيا فسوف تدعمك أحاسيسك.. لا تجعل ما بداخلك يضايقك.
في عيادتي في كندا صممت بفضل الله تعالى جهازين، بحيث أجعل ذبذبات الألفا تصل إليك وتسمعني من جهة الشمال بينما أكلمك أنا من جهة اليمين، فكل شيئ موزّع لكي يذهب إلى كلّ مكان في مخّك. وهناك نظّارة تقوم بعمل ذبذبات كهرومغناطيسية تجعلك تغمض عينيك مما يسبب لك نوماً مغناطيسياً لثلاث أو أربع دقائق مما يجعلني أستطيع التعامل معك وأسألك أسئلةً وعكسها.
وعلى سبيل المثال أرسم لك دائرةً حمراء وأكتب بلون أصفر داخلها ثم أطلب منك أن تفتح عينيك واسألك ماذا ترى أمامك؟ فتقول دائرة حمراء، فأقول ولكن بداخلها كتابةً صفراء، فتقول نعم هذه كتابة باللون الأصفر ولكن هذه دائرة حمراء وهكذا لمدة دقيقة إلى أن تغضب فتقول لي: ماذا تريد إذاً؟ هي دائرة حمراء بداخلها كلام اصفر. فأقول لك: ولكنها دائرة كبيرة وحرفها صغير..
والهدف من ذلك هو أن يتدرّب المرء على أنّه مهما حدث في العالم الخارجيّ فيجب أن لا تتأثر أحاسيسه.
شخص عصبيّ:
جاءني شخص في العيادة وقال لي: يا دكتور أنا عصبي جداً وأريدك أن تساعدني حتى أتخلّص من هذه العصبية. فقلت له: إنَّ وجهك يذكّرني بشخص كان غبياً جداً.. فقال لي ماذ؟! فقلت له: إنّني أقول لك ما أحسُّ به.. وأضحك مرةً أخرى.. سبحان الله.. الغباء نفسه! وهكذا إلى أن غضب فقلت له الآن نبدا العمل. لا بد من ان أراك وأنت عصبي حتى نستطيع العمل بشكل صحيح، لا بد من معرفة الفكرة التي جعلتك تتعصّب، وماذا تعني العصبية بالنسبة لك؟ وأين ذهبت في الجسم؟ وكيف عبّرت عنها بتحرّكات جسمك وتعبيرات وجهك؟ وماذا قلت لنفسك؟
لا بد من اكتشاف هذه الأمور وأنت على الحالة نفسها.
ومن هنا ندرك أنّ الأحاسيس من الممكن أن تسبب حروباً، أو تسبب طلاقاً، أو تسبب أمراضاً.. وسنذكر ذلك تفصيلاً أثناء تناولنا للموضوع في المقالات القادمة.