وإذا جاء أجلهم لا يستقدمون ساعة ولا يستأخرون

بسم الله الرحمن الرحيم و الصلاة على رسوله الكريم و على آله و صحبه أجمعين
أما بعد

يقول تعالى : (كل نفس ذائقة الموت)

هل استذكرت يوماً ماذا فعلت لآخرتك؟؟
هل فكرت فيما ستأخذه معك من دنياك الفانية؟؟
هل شعرت يوماً بدنو أجلك و اقترابه؟؟

المووووت الذي تفرون منه .... فإنه ملاقيكم

قصة حدثت معي شخصياً و سأرويها لكم
كنت ذاهباً في أحد الايام الى دوامي المعتاد في المستشفى قسم العناية المركزة و كان دوامي آنذاك يبدأ في المساء...
وصلت الى هناك و وجدت مريضاً أتوا به قد تهشم و انتفخ وجهه جراء حادث سيارة
في البداية سأصف لكم حالة المريض فقد انتفخ وجهه و انتفخت عيناه و الدم يسل من وجهه و أنفه وفمه و عدة كدمات أصابت رأسه و يديه و قدميه أجزاء من جسمه.
مرت دقائق ملحوظة و اذا بهذا الرجل يدخل في هبوط مفاجىء لدقات القلب حتى وصلت الى ما يقارب ال 30
بدأنا بعملية انعاش القلب و الرئتين في أمل لإعادة المريض للحياة و بعد عدة محاولات عاد و الحمد لله الى طبيعته و اطمأننا عليه و أكملنا سيرنا للإطمئنان على بقية المرضى
مرت لحظات و إذا بجهاز التنبيه يصدر صوتاً بأن المريض في خطر عدنا إليه و كررنا عملية الانعاش لكن هذه المرة لم تكن كسابقتها فلا استجابة من القلب و الدقات تأخذ بالنزول و التنفس يغيب شيئاً فشيئاً
لم تنفع محاولاتنا حتى بإعطاء الأدوية التي عادة تحفز القلب و ترفع نبضاته
دخل المريض في مرحلة الخطر و ما زلنا نجري له عملية الانعاش
لكن
(وإذا جآء أجلهم لا يستقدمون ساعة و لا يستأخرون)
انتقل المريض الى رحمته تعالى و كل هذا و ابنه واقف عند قدميه لا يكلمنا و لا نكلمه بل ينظر الى ما نفعله في شرود و صمت.
تم تكفين المريض وكان أهله ينتظرون عند باب غرفة العناية المركزة و عندما رأوه مكفناً قد خرج شبابنا يقودونه الى الغرفة المكلفة بأمور الدفن لاستكمال الاجراءات عندها صدرت صرخة لا ندري هل هي من ابنه امه اخته زوجته لا نعلم لكننا نعلم انها أثرت فينا
عندها استذكرنا ما نسيناه استذكرنا دنو الأجل
استذكرنا سكرات الموت
استذكرنا منكر و نكير
استذكرنا الوقوف بين يدي الجبار
صمتنا في خشوع و حزن و ساد صمت رهيب في غرفة العناية المركزة لم يسمع حينها الا صوت القران يصدح من أجهزتنا الخلوية
شارف الفجر على البزوغ و انطلق صوت الاذان يقطع حاجز الصمت الرهيب
تلاقت عيوننا و ابتسامة شاحبة على وجوهنا و قمنا لتأدية الصلاة
كنا قد رأينا حالات موت كثيرة عندنا فهذا مريض بالقلب و سيموت بعد فترة و مات و هذا شيخ كبير قد اشيبّ رأسه و هذا عجوز شارف على دنو الأجل
كل هذا لم يحرك فينا ساكنا فقد اعتدنا على رؤية الموتى
لكن الذي أثّر فينا انه كان شاباً مفعماً بالحياة انتهى أجله سريعاً لم ندري هل كان صالحاً أم طالحاً نقياً أم أسود القلب

هل فكرت يوماً ماذا لو كنت أنت؟؟
ماذا لو كنت على معصيتك و وافتك المنية ولم تستطع لفظ حتى الشهادتين؟
كيف ستقابل ربك؟؟
ماذا ستقول له؟؟
بأي حجة ستلقاه؟؟

(يا ابن ادم انك لو أتيتني بقراب الأرض خطايا ثم أتيتني لا تشرك بي أتيتك بقرابها مغفرة)
عودوا إلى الله
تفكروا في حياتكم الفانية
تفكروا فيما فاتكم من الحسنات
تفكروا في سيئاتكم
اسألوا الله أن يبدل سيئاتكم حسنات


ضع أمامك اية واحدة
(وإِذَا جَآءَ أَجَلهم لَا يَستَقدمونَ سَاعَةً وَلَا يَستَأخرون)
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
معاينة صفحة البيانات الشخصي للعضو